الإثنين , 20 مايو 2024
أخبار عاجلة

فن الخيامية ما بين الماضى والحاضر

تعتبر الخيامية من أقدم الحرف اليدوية المصرية والتى تحتاج إلى مهارة كبيرة فما هو فن الخيامية ؟

تعد الخيامية من الحرف التى تتعامل مع القماش ، فهى فن الزخرفة بالقماش على القماش ، فبالإبرة والخيط  يتم حياكة التصميمات المختلفة على الصواوين والخيام واللوحات والوسائد وغيرها ، فقد يستخدم القطن والقطيفة والحرير والستان والتيل إضافة الى أقمشة القلوع والجلود الرقيقة ، ويتم استخدام كل منها تبعاً لنوعية التصميم والطلب عليه ، وهو الذى يتكامل مع مهارة الفنان ، وليس لكلهما غنى عن الأخر ، وتصميمات الخيامية تتأرجح بين الجانبين النفعى والجمالى ، فمع تنوع الشكل والحجم والوظيفة تتعدد أيضاً المفردات والتراكيب والعناصر الفنية ، فقد يستلهم الفنان عناصره من التراث الشعبى بروافده التاريخية والدينية والاجتماعية ، وبين الإتكاء على العنصر التاريخى منفرداً حيث الطراز الفرعونى أو الرومانى أو القبطى أو الإسلامى.

التطور التاريخى لفن الخيامية:

_يذكر بعض الباحثين والمحللين أن المصرى القديم هو أول من عرف الخيامية فى عصر بناء الأهرامات ، حيث كانت تستخدم كمظلة لرئيس العمال ، أما الفرعون فكانت تصنع له خيمة للرحلات ، فقد ذكر ماسبيرو فى كتابه ” المومياوات الملكية ” أن هناك سرداقا من الجلد اكتشف من الاسرة الحادية والعشرين وهو يعد من القطع الفنية النادرة بطريقة الإضافة ( الخيامية ) التى عثر عليها فى خبيئة الدير البحرى ، ونجد أيضاً أن بعض ملابس الفراعنة مزخرفة بشرائط مضافة عن طريق التطريز مثل رداء توت عنخ أمون الموجود بالمتحف المصرى القديم ، كما توجد مجموعة من الأشرطة والأحزمة المنقوشة زخرفت بطريقة الخيامية ، وعلى الكراسى التى عثر عليها فى مقبرة رمسيس الثالث وجدت ” خداديات – وسائد ” من القماش بها زخارف مضافة بالقماش أيضاً والامثلة كثيرة فى التاريخ المصرى القديم . أما عن العهدين اليونانى والرومانى فقد استخدمت الخيمة فى الجيوش العسكرية وكان لها شكل بيضاوى يكسى من الداخل بالحرير والفرو ، وأيضاً ظهر فن الخيامية فى الأشرطة والجامات المختلفة الأشكال والأحجام بها زخارف مضافة بالخياطة مثل الزهور والعناصر النباتية والأشكال الهندسية البسيطة بألوان مختلفة. وعن العصر ” البيزنطى ” فقد عرف الفنان القبطى فن الخيامية وابدع فيه من خلال أسلوب الكنارات وهى نسيج رفيع من القماش كأشرطة تحوى وحدات زخرفية ورسومات متتالية عبارة عن جامات اغلبها دائرية أو بيضاوية أو مربعة أو مستطيلة وبداخل هذه الجامات صور الأنبياء أو الملائكة يحيطها براويز هندسية أو ما يشبه الحبال والمصفورات وباقى الأرضية مشغولة بوحدات أو تفريغات نباتية بسيطة الخطوط ، وبعد أن يتم شغل هذه الكنارات تحاك بفتحات وأطراف الرداء كحليات زخرفية له وخاصة حول فتحة الرقبة والصدر وأطراف الأكمام وأطراف الرداء من أسفل .كما عرف الفنان البيزنطى أسلوب التطريز والمخرمات وأثرى بهما منسوجاته .

كما بلغت صناعة الخيام قمة الرقى قبل الفتح الإسلامى العربى ومع دخول الإسلام مصر ظهرت المنتجات المستلهمة من روح الدين الجديد ، فظهرت الأعلام والبيارق لمشايخ الطرق ، فكان يكتب عليها لفظ الجلالة ” الله ” واسم الرسول الكريم محمد ” صلى الله عليه وسلم ” وكذلك أسماء الخلفاء الراشدين الأربعة أبو بكر ، عمر ، عثمان ، على ، إضافة الى كثير من العبارات الدينية والآيات القرآنية ، أما الزخارف فمأخوذة من الإطارات العلوية للمساجد .كما ظهر أيضاً كساوى الأضرحة المطرزة ، والمعلقات الحائطية وهى لآيات قرآنية مثل ” أنا فتحنا لك فتحا مبينا ” وغيرها منفذة بطريقة الإضافة ومحاطة بإطار خارجى على هيئة مستطيل أو دائرة إضافة إلى بعض الزخارف الإسلامية ، كما ظهر معلقات تمثل البيئة الشعبية ومناظر الريف المصرى وكلها منفذة بطريقة الإضافة والتطريز .وعلى نفس النوال ظهرت المفارش والستائر والوسائد وتلبيسات الأسقف بعرائسها ذات المشكاوات الملادة والتنورة كزى للراقصين الشعبيين فى الطقوس الصوفية ، علاوة على ملابس وحقائب السيدات ، وقد تطورت الخيامية بشكل عام فى العصر الإسلامى وخاصة العصر المملوكى التى شهدت فيه الخيامية أوج ازدهارها فى ظل تسابق الأمراء والسلاطين على إقتناء كل غال وثمين.

ومع نهاية ذلك العهد عام 1517 كانت بداية العهد العثمانى الذى كان بمثابة الكارثة على الحرف والفنون اليدوية فى مصر حيث رحل أصحاب ما يقرب من خمسين حرفة الى الأستانة وبدأت مصر فى الإنجاب مرة أخرى حتى عصر محمد على وتوجيهه البوصلة نحو ثقافة الغرب لاحلالها محل ثقافة الشرق ، وقد حدث تدريجيا حتى بلغ ذروته فى عهد الخديوى اسماعيل الذى تحول فيه المزاج الشرقى صوب الغرب ، مما أدى الى تقوقع الفنون الحرفية فى حوارى وأزقة القاهرة حتى عصرنا ، ومع مرور القرون  وبكل ما يحدث من مخطط لمحو تراث وهوية الفنان المصرى بأسم فنون ما بعد الحداثة تشرق شمس يوم جديد بميلاد أبناء أصحاب هوية وأصل مصرى ذو وعى وثقافة  قادر على  إحياء التراث الفنى وجماله وإستمرار فن الخيامية بأبسط وسائل التعليم وآليات التنفيذ فى نشر أهمية التراث المصرى لنا وللأجيال القادمة .

شاهد أيضاً

رسالة إلى من تستحق التكريم فى يوم المرأة

كتب رانيا الفقي هي رمز الصمود والعزة والكبرياء.هي من علمتنا كيف الصمود في أشد أيام …